الكلام على تسمية بعض السلف الذنوب شركاً
وبقيت القضية الأخيرة التي ذكرها شَيْخ الإِسْلامِ وهي أن بعض السلف لم يحصروا اسم الشرك في الشرك الأكبر، فالذي يشرب الخمر -وهذا ليس مشركاً ولا يسمى مشركاً بمجرد أنه يشرب الخمر أو يزني أو يرتكب أي محرم- يسميه بعض السلف مشركاً، باعتبار أنه اتخذ إلهه هواه، ويعدون ذلك نوعاً من الشرك.
وهذا بلا ريب أنه يجرح ويقدح في كمال توحيده، لأن الموحد التوحيد الكامل لا يأتي منه هذه الفعال، فالذي يفعل ذلك فإنه يقدح في كمال توحيده وإيمانه، فلذلك بعض السلف يسمي اتباع الهوى شركاً، ويقول: إنه من الشرك، فعلى هذا المعنى يكون شركاً أصغر، ويقابل عندنا نحن الظالم لنفسه، فيبقى أن كلمة الشرك في محلها، وإن كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {ليس بذاك} أي: ليس الشرك، ولكن فهم السلف الصالح، أنه الشرك، وليس الشرك الأكبر الذي حذر منه لقمان عليه السلام ابنه، ولا ريب أنه أعظم شيء، وهو المحبط للعمل، أما ما دونه من المعاصي وإن كان يحذر منها؛ لكنها شرك أصغر، فعلى هذا يكون الظلم في هذه الآية: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ))[الأنعام:82] يمكن أن يفسر بأنه ثلاثة أنواع، كما تقدم في كلامه رحمه الله.